غوتيريس يدعو بغداد وأربيل للمباشرة بالحوار وفق الدستور

الهزيمة العسكرية لتنظيم «داعش» في العراق، وتداعيات الاستفتاء في إقليم كردستان والانتخابات النيابية المقبلة، تمثّل لحظات فارقة في تاريخ العراق المعاصر، فهناك فرصة لتصحيح المسار وإطلاق البلاد نحو الازدهار والاستقرار المنشودين، ويقيناً أن هناك تحديات أخطر إذا لم يتم تدارك استحقاقات هذه المرحلة. تفويت هذه الفرصة للتأسيس لعراق يتجاوز أزماته، سيكون له آثار أكثر خطورة من تلك التي ترتّبت على عدم قدرة النخبة السياسية العراقية على إدارة عملية سياسية سليمة ما بعد 2003.
وعلى هذا، فإن العراق في حاجة ماسة إلى حوار داخلي صريح لمعالجة الخلل البنيوي الكامن في صلب العملية السياسية التي تشكلت في أعقاب 2003، وأقحمت العراق في دوامة من الأزمات المترابطة والمتلازمة مضموناً، والمختلفة شكلاً. وفي المحصّلة، فإن العراقيين بمختلف مكوّناتهم ناقمون على الأداء الحكومي والمنظومة السياسية، وباتت حركة التذمُّر واتهامات الفساد تلاحق الطبقة السياسية من بغداد والبصرة إلى الأنبار والموصل إلى أربيل والسليمانية.
الفساد ينخر في جسد الدولة العراقية، والمال السائب هو الذي موّل العنف والأزمة المستدامة. وبات العمل على تجفيف مستنقع الفساد ضرورياً لإنهاء هذه الدوامة ومنع ظهور الإرهاب مجدداً، وهو شرط أساسي لاستعادة ثقة المواطن بمنظومة الحكم.
وتمكن الإشارة في هذا الصدد إلى أن المبادرة التي أطلقها رئيس الوزراء حيدر العبادي، لمحاربة الفساد بداية، يمكن البناء عليها بمنهجية قانونية وعلمية تتصدّى للفساد الكامن في منظومة الدولة وإدارة المال العام. إنهاء دوامة الأزمة في العراق يتطلب إعادة تشكيل العملية السياسية الحالية، على أساس مفهوم الدولة المدنية، وتعزيز القيم المدنية وتدعيم دور المرأة وحقوقها، وتأكيد الالتزام بمعايير حقوق الإنسان كمنهج دستوري. إن الغموض في بعض بنود الدستور، وسوء تطبيقه في ضوء التجربة العملية، يجعلان مراجعة الدستور واردة، لكن من خلال الآليات الدستورية الذي ارتضاها العراقيون، فالدستور يجب أن يكون المرجعية في حسم الخلافات.
وفي هذا السياق، فإن التعامل مع الوضع الكردي لا يمكن أن يكون من موقع المنتصر تجاه المهزوم، فالحالة التاريخية للأكراد أنهم قد يُهزمون عسكرياً في السهول، لكنهم يتجمّعون في الجبال وتعاد الكَرّة، وفي كثير من الأحيان بدعم خارجي، والعراق يبقى محكوماً بهذه الدوامة العبثية والمدمّرة. للأكراد حق طبيعي في تقرير مصيرهم، لكن تقرير المصير يتأتى من خلال الارتكاز على بغداد العاصمة، لا أنقرة ولا طهران ولا واشنطن، ويتحقق بالتفاهم مع الشركاء في العراق، لا التنازع والتناحر أو الاعتماد على قوى إقليمية أو أجنبية، ويتطلب أيضاً كأولوية، الإصلاح السياسي الداخلي وإنهاء الفساد والمحسوبية وسوء الإدارة التي باتت تهديداً جسيماً ينخر في جسد منظومة الحكم في كردستان.
لقاء المطالب العربية والكردية
ربما للمرة الأولى في التاريخ المعاصر للدولة العراقية يقدّم كثر من الأكراد مطالب الإصلاح الداخلي والحكم الرشيد على الشعارات القومية، وذلك متغيّر شديد الأهمية يجب التعامل معه بروية وعلى أساس القراءة السليمة للمشهد لإنتاج حلول تشمل العراق بأكمله، وليس استثمار الحدث لإعادة إنتاج تاريخ المظلومية الكردية أو التسلُّط الشوفيني العروبي. مطالب الإصلاح في السليمانية وأربيل تتناغم وتتلاقى مع مثيلاتها في البصرة والأنبار وبغداد، ونجاح الإصلاح مرهون بحلول شاملة تنهي دوامة الأزمات عراقياً. الخلاف بين بغداد والقادة السياسيين الأكراد يجب أن لا يتحول إلى عقوبة بحق الناس، وإلى تجاهل الحقوق الدستورية لكردستان، فالدولة مطالبة بمنع وقوع الأذى على المواطنين، وتجب المباشرة بدفع رواتب موظفي القطاعات الخدمية والبيشمركة الذين تصدّوا ببسالة لـ «داعش»، وفتح باب المفاوضات بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، ومكاشفة الملفات المالية والنفطية، من خلال البرلمان الاتحادي وبرلمان إقليم كردستان. وفي إطار الأزمات المترابطة، فإن التوجُّه لمعالجة الفساد أو حل الأزمة مع إقليم كردستان، لا يمكن أن يتكامل من دون التعامل مع السنّة العراقيين الذين هم في مقدم ضحايا مرحلة «داعش»، وهم أصحاب المصلحة المباشرة في اجتثاث الفكر التكفيري من جذوره، ويجب أن تتم معاونتهم ودعمهم وتمكينهم لتحقيق هذا الهدف من خلال المشاركة الحقيقية في القرار العراقي وإرجاع النازحين إلى ديارهم.
ويقف تحدي إعادة إعمار المدن التي تحرّرت من «داعش» في مقدم أوجه الدعم المطلوبة، لكن واقع الحال يؤكد أن العراق في حاجة إلى نهضة اقتصادية شاملة تقود الحلول المترابطة لأزماته، وتؤسس لثقافة التنافس والتكامل الاقتصادي بديلاً من التنابذ والتصادم السياسي. وهذه مناسبة للنظر بتفاؤل إلى مؤتمر المانحين الدوليين المقرر عقده في الكويت، على قاعدة فهم عام لا بد أن يترسخ، ومفاده: إن وحدة العراق وأمنه وهزيمة التطرف قضايا مرهونة بتعزيز البنية التحتية الرابطة وتنمية التكامل التنموي بين مناطق البلاد المختلفة، وبين العراق وجواره الإقليمي، فيصبح مساحة مصالح مشتركة للجيران لا ساحة تصفية حسابات، إضافة إلى خلق فرص عمل للشباب.
وربما يكون السبيل إلى ذلك من خلال تأسيس «صندوق الاستثمار» وعرضه للاكتتاب المحلي أولاً، حيث يكون لكل مواطن عراقي حق المشاركة فيه، على أن تخصص الدولة نسبة محدّدة من واردات النفط (على سبيل المثل 5 في المئة سنوياً) لدعمه. كما يمكن شركات القطاع الخاص العراقية والأجنبية الاشتراك في الصندوق، وأيضاً المؤسسات المالية الدولية والدول المانحة والصناديق السيادية، على أن يموّل الصندوق مشاريعَ البنية التحتية الاستراتيجية ذات الجدوى الاقتصادية، كميناء البصرة، وشبكة الطرق السريعة، والسكك الحديد، والمطارات، ومشاريع الري في سهل نينوى وكرميان وأربيل، واستصلاح الأراضي في الجنوب، والمدن الصناعية، والسدود.
وإضافة إلى دوره الداخلي، يمكن الصندوق أن يشارك في تمويل مشاريع البنى التحتية التي تربط بين دول المنطقة، فالعراق محور استراتيجي مهم يتلاقى فيه العالم العربي مع إيران وتركيا، وهو يربط بين اقتصادات الخليج وأوروبا، ويمكن أن يكون قلب طريق الحرير الجديد إلى البحر المتوسط، كما أن العراق بؤرة إنتاج الطاقة، غازاً ونفطاً، وفي إمكانه أن يكون ممراً سالكاً وآمناً لمنظومة تصدير الطاقة.
ويمكن النظر إلى تجارب مماثلة في تايلند وفيتنام والهند جذبت تمويلاً استثمارياً من الصناديق السيادية في اليابان والصين والخليج. وكاستدراك، يجب أن يشكَّل «صندوق الاستثمار» بقانون خاص، وأن يكون مستقلاً عن الحكومة تديره هيئة خاصة مهنية في منأى من السجالات السياسية، ويكون أعضاء هيئته الإدارية مرشحين مهنيين من الحكومة مصادقاً عليهم من البرلمان، وأن يخدموا لفترة 6 سنوات كي لا يكونوا محكومين بالاعتبارات الانتخابية. ومن المستحسن أن تشارك في إدارة الصندوق المؤسسات المالية الدولية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي والبنك الإسلامي، لجذب الاستثمارات الخارجية. كما من الضروري أن يكون للصندوق نظام محاسبي ومالي خاضع للرقابة المالية وفق السياقات الدولية، لضمان منع التدخل السياسي والفساد.
التعامل مع الأزمات العراقية في شكل مجتزأ وبعيد من السياق البنيوي العام، أثبت فشله طوال السنوات الماضية. واليوم، أمام العراق فرصة عبر حلول شاملة تضع الأمور في نصابها الصحيح، ويمكن أن تكون الانتخابات المقبلة في العراق وإقليم كردستان مناسبة يتبارى فيها الفرقاء في مدى جدية الالتزام بحل شامل لدوامة الأزمة العراقية، لا أن تكون محطة أخرى للتشرذم والصراع والدوران في الحلقات المفرغة.
هذا يعني من وجهة نظر المراقبين والمواطنين العراقيين معاً أن الفساد تحول من آفة أو مافيات يمكن القضاء عليها من خلال تفعيل الملفات واتخاذ قرارات صعبة، إلى واقع حال يتعايش معه العراقيون، كون أي سلطة تبدو عاجزة عن استئصال شأفته، لأنه جزء من المنظومة السياسية العراقية التي بنيت على أسس المحاصصة العرقية والطائفية والحزبية.
على الرغم من تفاوت وجهات نظر المسؤولين العراقيين من نواب وقادة كتل بشأن ملفات الفساد وإمكانية نجاح الحكومة، وبالذات رئيس الوزراء حيدر العبادي، في القضاء على الفساد أو الحد منه، فإن الجميع يرى أنه لن تقوم للعراق قائمة دون القضاء على الفساد. وهذا، مع تطلع البلاد إلى مرحلة جديدة من إعادة البناء والإعمار والاستثمار في أعقاب توافر البيئة الآمنة، بالإضافة إلى ما باتت تشهده من انفتاح عربي وأجنبي غير مسبوق.
إجرائياً أعلن رئيس جهاز الادعاء العام في العراق القاضي موفق العبيدي، أن أول الملفات الخاصة بالفساد وصلت إلى الادعاء العام. وهي تتعلق بملفات الفساد وهدر المال العام في الوزارات، بعد التعميم الذي أصدره الجهاز للتبليغ عن المخالفات المالية في جميع دوائر الدولة، ولقد أحيلت إلى المحاكم المختصة.
العبيدي، في بيان له اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، قال: «نحن أخيراً وبمجرد أن دخل قانون الادعاء حيز التنفيذ أصدرنا إعماماً لكل مؤسسات الدولة بإشعارنا بما يرتبط بالمخالفات المالية أو الإدارية والوظيفية، لأن القانون صار يتيح لنا هذا الدور».
وأضاف: «ليس هذا فقط، بل إن الادعاء العام لا يكتفي بما تصل إليه من إشعارات، بل لديه وسائل مختلفة بما فيه ما يصل إليه أو يطرق سمعه من هنا وهناك. وهذا دور مستحدث نحن شرعنا به، وفي الفترة المقبلة سنعلن أبرز ما يتحقق من نتائج».
وأشار العبيدي إلى أن «الاستجابة ليس كما هو مؤمل، إلا أننا أخيراً صرنا نستقبل مجموعة من الملفات من بعض الوزارات، وأن الإعمام الذي أصدرناه نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي كان مخصصاً لما يرتبط بالموارد المالية والوظيفية، وبعد شهر من هذا الإعمام بدأنا تلقي بعض الملفات كما قلت من بعض الوزارات».
العبادي من جهته كان أعلن الأسبوع الماضي بدء الحرب على الفساد. ففي كلمة له في تجمع جماهيري، قال رئيس الحكومة إن «الكثير ينتظر إجراءات محاربة الفساد، ولدينا ما نقوم به بحسب أدلة دقيقة، لكن هناك من يحاول خلط الأوراق». وأردف أن جهوده في هذا المجال ليست لـ«أغراض سياسية أو انتخابية». وهذه هي واحدة من الإشكاليات التي يواجهها العبادي، خصوصاً من الدائرة القريبة من أوساط ائتلاف «دولة القانون»، إذ تحوّل هذا الائتلاف إلى أجنحة أبرزها جناحان؛ أحدهما يقوده رئيس الوزراء السابق نوري المالكي والآخر جناح يقوده العبادي.
لصوص القانون
أحمد الجبوري، عضو البرلمان العراقي وأمين عام حزب الشعب، قال لـ«الشرق الأوسط» في لقاء معه: «النجاح سيكون أصعب، وهو ما يعني أن المهمة التي يتولاها العبادي لن تكون سهلة لسبب بسيط؛ أنه يتعين عليه فتح ملفات تخص الحزب الذي ينتمي إليه». وبيّن الجبوري أن «هذا هو التحدي الأكبر أمامه، ففي حال نجح في محاربة الفساد داخل حزبه (حزب الدعوة، حيث يشغل العبادي منصب رئيس المكتب السياسي) فإن المهمة تسهل عليه أمام الآخرين، كما أنه سينال دعماً أكبر من كل القوى والجهات السياسية».
من جانبها، ترى ماجدة التميمي، عضو لجنة النزاهة في البرلمان العراقي، أن «الفساد وصل إلى مرحلة ديناصور بعدما كان نملة»، منذ غزو العراق بقيادة الولايات المتحدة الأميركية لإزاحة نظام صدام حسين عام 2003. وتقول التميمي إنه «من المؤكد أن الموضوع صعب وأشرس من الحرب على (داعش)». وتتفق مع الجبوري بأن «كل الأحزاب لديها فاسدون ولا أتصور وجود حزب دون فاسدين، هناك نسب تتراوح حول طبيعة الاستحواذ على السلطة». ثم تضيف: «إذا كان الفاسدون من داخل حزبك، فالحرب ستكون شعواء وتحتاج إلى دعم دولي وداخلي من الأحزاب نفسها لمكافحته».
أما الدكتور صلاح العرباوي، عضو المكتب السياسي لـ«تيار الحكمة» – الذي يتزعمه عمار الحكيم – فأوضح في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «الفساد أصبح منظومة خطيرة تهدد كيان الدولة. وبالتالي، فعلى من يريد محاربة الفساد أن يبدأ بـ(لصوص القانون)، أي أولئك الذين يسرقون بشكل محترف وتحت عباءة القانون». ويستطرد العرباوي: «الإشكالية هنا تتمثل في أنه حتى لو تم فتح ملفات هؤلاء، فإن النتيجة ستكون هي وجود السرقة لكن عدم وجود السارق». وعليه، يرى العرباوي أن «محاربة الفساد تحتاج إلى إرادة وقوة عاليتين، وينبغي أن تكون البداية من الذات الشخصية والحزبية». وبذلك يتفق العرباوي مع الجبوري في تحميل العبادي مهمة خطيرة، وهي أن البداية من الحزب الذي يحتل فيه موقعاً متقدماً، بينما تؤمن ماجدة التميمي بأن «كل الأحزاب والقوى السياسية متهمة بالفساد». كذلك يعتقد العرباوي أنه «كان بإمكان الحكومة أن تعلن النصر على العدوّين (داعش والفساد)، لكنها تأخرت في محاربة الثاني»، متمنياً لها «التوفيق في حربها المقبلة وسنكون داعمين لهذا المسار».
غير أن الإشكالية الكبرى في قضية الفساد في العراق تتمثل في نوعين من أنواع الفساد؛ الأول هو الفساد المألوف القائم على الاختلاس وإساءة الائتمان، والثاني هو الفساد «المُشرعَن» الذي يتمثل في الرواتب والامتيازات العالية التي لا تزال تتمتع بها الطبقة السياسية العراقية وكبار الموظفين من درجة مدير عام وما فوقه، رغم مشروع الإصلاح الذي أطلقه العبادي خلال شهر أغسطس (آب) 2015 إثر المظاهرات التي كانت قد اندلعت خلال شهر يوليو (تموز) من ذلك العام، ولا تزال مستمرة حتى اليوم كل جمعة في ساحة التحرير ببغداد وعدد من المحافظات.
جدير بالذكر أن هذه المظاهرات ترفع عدة شعارات، كان ولا يزال أهمها الشعار الشهير «باسم الدين باقونا (أي سرقونا) الحرامية»، في إشارة واضحة إلى الأحزاب الإسلامية التي تهيمن على السلطة في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين على يد الأميركان عام 2003.
إنما للدعم حدود
القوى السياسية المختلفة ترى أن الحرب على الفساد يجب أن تكون حرب الجميع، لكن مسؤولية التصدي المباشر لها إنما هي مسؤولية الحكومة ورئيسها الذي يملك كل السلطات والصلاحيات بيده. ومن ثم، فالدعم الذي يحظى به يبقى مهماً كان مشروطاً لجهة نجاحه في قصقصة أجنحة كبار الفاسدين. وفي هذا السياق يقول صلاح الجبوري رئيس كتلة «تحالف القوى العراقية» في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إن «المهم أن تكون هناك خطوات عملية في مجال محاربة الفساد لأننا نعتقد أن أحد أسباب ظهور داعش هو الفساد في المؤسسات». ويتابع الجبوري: «الفساد في المحافظات الغربية التي احتلها تنظيم داعش كان في المؤسسات الأمنية ثم استشرى في كل مفاصل الدولة». ثم يشرح أن «تحالف القوى يدعم خطوات العبادي في محاربته الفساد، لكننا نرى أن الفترة المتبقية من عمر الحكومة والبرلمان ليست كافية لفتح ملفات كثيرة… مع أننا نرى من الضروري فتح الملفات التي تعتبر ملفات رأي عام، مثل ملف أجهزة كشف المتفجرات أو التسليح وجولات التراخيص وملف العملة والبطاقة التموينية والاتصالات والبنوك. إننا نرى أن فتح مثل هذه الملفات يمكن أن يؤسس لقاعدة صحيحة في مجال محاربة الفساد بشكل حقيقي وواقعي في العراق».
في السياق ذاته، تقول النائبة ماجدة التميمي إنها أنجزت كثيراً من ملفات الفساد المتعلقة ببعض الوزارات، وإنها «تعمل على استكمال التقارير الخاصة بتلك الملفات ستقدم إلى هيئة النزاهة». غير أن التميمي تتحفظ عن ذكر الوزارات المتهمة بالفساد حالياً، لأنه «في حال الكشف المسبق فإن الجهة المتهمة بالفساد يمكن أن تحتاط للأمر… وهو ما حصل كثيراً إلى الحد الذي تم فيه تهريب فاسدين أو تسهيل أمر سفرهم خارج البلاد».
أما أردلان نور الدين، النائب الكردي في لجنة النزاهة، فيرى من جانبه أن «العبادي لم يتعاون كثيراً مع لجنة النزاهة البرلمانية، وبالتالي، فإنه يبدو كمن يتخذ الحرب على الفساد على سبيل الدعاية الانتخابية». ويضيف نور الدين: «سبق للجنة النزاهة أن طلبت من رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أكثر من مرة تقديم الدعم والمساعدة لهم دون جدوى، مع أن أكثر من 40 ألف ملف فساد أحيل إلى لجنة النزاهة خلال الدورة البرلمانية الحالية». وتابع: «العبادي لن ينجح في هذه الخطوة، لأن رئيس الوزراء يستخدم هذه الملفات كورقة في مواجهة خصومه، وخصوصاً داخل كتلة التحالف الوطني الشيعي، علماً أن العبادي يدرك جيداً أنه لن يفلح في مهامه».
بغداد ـ «القدس العربي» ـ وكالات: التقى رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، أمس الخميس، في العاصمة بغداد، وفداً من أحزاب كردية بإقليم كردستان العراق، للمرة الأولى منذ بدء أزمة استفتاء، الذي أجراه الإقليم في سبتمبر/أيلول الماضي.
ووفق بيان صادر عن الحكومة العراقية، فإن العبادي، أكد خلال اللقاء، الذي ضم ممثلين عن ثلاثة أحزاب كردية، على «وحدة العراق وضمان تنوعه العرقي والمذهبي».
وقال: «إننا بالوحدة استطعنا الانتصار على تنظيم الدولة الإسلامية».
وأضاف أن «المسؤولية الملقاة على عاتقنا تتمثل برعاية جميع المواطنين العراقيين. الحكومة المركزية ماضية بتأمين رواتب الموظفين في الإقليم بصورة واضحة وعادلة ووفق آلية دقيقة».
ونقل البيان عن الوفد الكردي إعرابه عن «قناعته بعراق موحد وبأن تحل الإشكالات بين الحكومة المركزية والإقليم ضمن الدستور».
والوفد أصدر بياناً، جاء فيه: «طالبنا السيد العبادي بوضع حد لمعاناة المواطنين كجزء من مهامه ومسؤولياته تجاه مواطني كوردستان، وفتح صفحة جديدة في العلاقات السياسية يكون تعزيز أسس المواطنة والعدالة الاجتماعية أحد عناوينها الرئيسية».
وأضاف أن «السيد العبادي تعهد بصرف رواتب موظفي الإقليم بعد إجراء التدقيق اللازم، إضافة إلى صرف المستحقات المالية للفلاحين، كما أبدى استعداده لتقديم الدعم من أجل تحقيق بقية المطالب، وفي هذا الإطار طالب جميع القوى السياسية بالتعاون، متعهداً كذلك بإدارة المناطق المتنازع عليها بشكل مشترك».
وتابع: «تحدثنا في الاجتماع عن حماية مكتسبات شعب كردستان والإطار السياسي للإقليم، وترسيخ الشراكة الحقيقية في مراكز إصدار القرار السياسي، وإيجاد حل للمعالجة الجذرية للخلافات عبر إجراء حوار جدي بين الإقليم وبغداد على أساس الدستور العراقي».
وبشأن الانتخابات، أشار إلى أن «شرطنا الأساسي هو إجراء انتخابات نزيهة تعكس إرادة الشعب، وأكدنا ضرورة إنهاء عمليات التزوير في انتخابات العراق وإقليم كردستان».
وضم الوفد ممثلين عن أحزاب «حركة التغيير»، و»الجماعة الإسلامية»، و»حركة الديمقراطية والعدالة»، وجميعها كانت معارضة لإجراء الاستفتاء في الإقليم.
وتصاعد التوتر بين بغداد وأربيل، عقب إجراء إقليم الشمال، استفتاء «الاستقلال» في 25 سبتمبر/أيلول الماضي، الذي تؤكد الحكومة العراقية «عدم دستوريته»، وترفض الدخول في حوار مع الإقليم لحين إلغاء نتائجه.
وفرضت القوات العراقية، خلال حملة أمنية جرت، في 16 أكتوبر/تشرين الأول، السيطرة على الغالبية العظمى من مناطق متنازع عليها بين الجانبين، بينها محافظة كركوك (شمال)، دون أن تبدي قوات البيشمركه أي مقاومة تذكر.
كما فرضت بغداد عقوبات اقتصادية على أربيل منها حظر سير الرحلات الجوية الدولية من وإلى مطاري أربيل والسليمانية في الإقليم، فضلا عن مطالبتها دول الجوار غلق معابرها الحدودية مع الإقليم.
وانخفضت وتيرة التصعيد في الفترة الأخيرة. ويقول مسؤولون من كلا الطرفين إن مفاوضات قد تجري خلال الفترة المقبلة لاحتواء الأزمة.
نيجيرفان بارزاني يلتقي القنصل التركي
في السياق، دعا رئيس حكومة إقليم كردستان، نيجيرفان بارزاني، تركيا، إلى المساهمة في التقريب بين بغداد وأربيل.
جاء ذلك خلال لقاء بارزاني مع القنصل التركي الجديد في أربيل هاكان كاراجاي والوفد المرافق له، حسب بيان صادر عن حكومة الإقليم.
وقال بارزاني إن «تركيا لطالما دعمت الإقليم ونحن ننظر باهتمام للعلاقات مع أنقرة».
وأضاف أن «تركيا باعتبارها من الدولة المجاورة المهمة، يمكنها أن تؤدي دوراً إيجابياً في حل الخلافات بين أربيل وبغداد».
القنصل التركي كاراجاي أكد أن بلاده ستعمل على تعزيز العلاقات مع الإقليم وتطويرها. مبديًا في الوقت ذاته استعداد بلاده للتعاون في حل المشاكل بين الجانبين.
التوافق بعيد عن الواقع
إلى ذلك، نفى النائب عن التحالف الوطني، جاسم محمد جعفر، توصل بغداد وأربيل إلى توافقات للتفاوض والجلوس على طاولة الحوار.
وأكد في تصريح له، حسب ما نقلت عنه الـوكالة الوطـنية العراقـية للأنـباء، أن «الترويج عن التوصل إلى توافقات للتفاوض بين الحكومة الاتحادية واقليم كردستان، بعيد عن الواقع ولاصحة له».
وحسب المصدر «لا يوجد اتفاق ولا تفاوض بين بغداد وأربيل حاليا، ولن يكون هناك تفاوض على مستوى عال في الفترة القريبة المقبلة بين الحكومة الاتحادية واقليم كردستان».
وبين أن «كل ما يتداول من انباء عن تفاوض حول موافقة الكرد بحضور بارزاني، غير صحيح وحتى اليوم مثل هذه القضية مرفوضة لنا تماما».
وأوضح أن تسليم كافة المنافذ والمطارات تحت اشراف عام من قبل الحكومة الاتحادية وانسحاب البيشمركه إلى حدود الخط الازرق لـ2003، وادارة الرقابة المالية في الاقليم وتشكيل لجنة تفاوض من كل الكتل السياسية، هي خطوط عريضة ليست بجديدة «.
وأشار إلى أن «رئيس الجمهورية، فؤاد معصوم يحاول الوصول إلى مخرجات لايجاد حالة توافقية، لكن موقف رئيس الوزراء، حيدر العبادي واضح أن عدم تطبيق بنود الوثيقة الحكومية يعني انه لن تكون هناك خطوة اخرى مقبلة «، منوها إلى أن «هناك تفاوضا فنيا يتعلق برواتب الموظفين حيث تعهدت الحكومة بدفع الرواتب وفق آليات قانونية كثيرة».
ولفت النائب عن التحالف الوطني، إلى أن «الاقليم قدم احصاءات بمليون و 250ألف موظف لكن الرصد الحكومي لا يتجاوز الـ 680 ألف موظف «، مضيفا ان «وفودا ولجانا وزارية من المالية والدفاع والداخلية تجتمع حاليا لتنظيم اعداد الموظفين والبيشمركه وشرطة الحدود، وهي اجتماعات فنية لا سياسية».
عرض الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون الخميس، توجهاته السياسية أمام اعضاء السلك الدبلوماسى الفرنسى بمناسبة العام الجديد، فوجه انتقادات إلى تفرد روسيا وتركيا وإيران بالحل السياسى لسوريا عبر مسار آستانة، كما دعا الى نزع سلاح المليشيات فى العراق.
وقال ماكرون إن الأزمة السورية لا يمكن أن تجد طريقها إلى الحل عبر “بعض القوى” وحدها، فى إشارة إلى عملية أستانة التى تجرى بإشراف روسيا وتركيا وإيران.
وأضاف “علينا أن نضع حدا لتنازلات تقدم الى بعض القوى التى تعتقد أنها باعترافها بقسم من معارضة تم تعيينها من الخارج، تستطيع أن تجد تسوية للوضع فى سوريا بشكل ثابت ودائم“.
كما شدد ماكرون على ضرورة “ربح السلام” فى العراق وسوريا لتجنب عودة الإرهابيين ، بعد هزيمة تنظيم داعش “عسكريا“.
بغداد ـ «القدس العربي»: كشفت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، أمس الخميس، عن حاجتها 296 مليار دينار لإدارة العملية الانتخابية المقررة أواسط أيار/ مايو المقبل، مؤكدة عدم السماح لمنتسبي «الحشد الشعبي» بالمشاركة في التصويت الخاص (يصوت فيه العسكريون). وعقد مجلس النواب جلسته الأولى من الفصل التشريعي الأخير برئاسة سليم الجبوري، وحضور 170 نائباً.
وعلمت «القدس العربي» من مصدر في الدائرة الإعلامية للبرلمان إن الجلسة شهدت استضافة أعضاء مجلس المفوضين في مفوضية الانتخابات.
وقال رئيس مجلس المفوضين، معن الهيتاوي، في معرض إجابته عن أسئلة واستفسارات النواب خلال الجلسة، أن «تأجيل الانتخابات المحلية يتم بالتشاور بين مجلس المفوضين والحكومة، ولا يحتاج إلى مصادقة مجلس النواب من الناحية القانونية».
وأضاف: «المفوضية تنتظر تخصيصات مالية لتنفيذ تعاقدات دولية بشأن مستلزمات إجراء الانتخابات، وتقديمها طلب سلف مالية من الحكومة التي لا يمكن ان تقدم تخصيصات مالية لغرض التعاقد»، مؤكداً أن «أجهزة التحقق في نينوى وصلاح الدين والأنبار تعرضت للسرقة والتخريب على أيدِ تنظيم داعش، الأمر الذي يستدعي استكمال التعاقد لغرض التعويض عن الاجهزة التي من المؤمل وصولها خلال الأشهر المقبلة». وطبقاً لرئيس مجلس المفوضين، فإن «المفوضية بحاجة إلى 296 مليار دينار لإدارة العملية الانتخابية، خصوصاً أن المفوضية حريصة على استكمال الايفاء بالالتزامات المالية تجاه الشركات المتعاقدة معها في 16 من الشهر الجاري».
وأوضح أن «مفوضية الانتخابات ليست جهة أمنية تقوم بتدقيق ملفات الأحزاب والأجنحة المسلحة المرتبطة فيها، وانما تقوم بمفاتحة الجهات المعنيه واتخاذ اجراءات قانونية لاستبعاد المكون السياسي بهذا الشأن». وختم حديثه قائلاً: «جميع ناخبي الحشد الشعبي هم من ضمن التصويت العام، ولا يمكن السماح لهم بالمشاركة في التصويت الخاص لعدم وجود بيانات لمنتسبي الحشد الشعبي».
وتجري العملية الانتخابية في العراق بطريقتين، الأولى تتضمن «الاقتراع الخاص»، ويشمل القوات الأمنية التابعة لوزارتي الداخلية والدفاع، فيما يشمل «الاقتراع العام» جميع الناخبين المدنيين ممن يحق لهم التصويت.
كتلة الفضيلة البرلمانية، أكدت قدرة المفوضية المستقلة العليا على إجراء الانتخابات بموعدها الدستوري المحدد، فيما قدمت اقتراحين لتجاوز المعوقات بشأن المناطق المحررة.
وقال رئيس الكتلة النائب عمار طعمة، في بيان، إن «جلسة استضافة مفوضية الانتخابات أوضحت قدرتها على إجراء الانتخابات في الموعد الدستوري»، مطالباً «البرلمان بالاسراع بإقرار قانوني الموازنة والانتخابات والمصادقة على اجراء الانتخابات في موعدها الدستوري».
وأوضح، أن مفوضية الانتخابات عززت حقيقة قدرتها على اجراء الانتخابات في الموعد الدستوري بـ»مؤشرات عديدة»، مبيناً أن من بين تلك المؤشرات «تحديد مجلس الوزراء لموعد الانتخابات كان بالتشاور مع المفوضية».
وأضاف: «من بين المؤشرات ايضا، إرسال المفوضية كتاب إلحاق لتأكيد الموعد نفسه (15 أيار/ مايو المقبل) من قبل مجلس المفوضين الجديد، ووصول طلب من المفوضية إلى البرلمان للمصادقة على الموعد المذكور»، لافتا في ذات الوقت إلى «اعلان المفوضية للجداول الزمنية لتقديم قوائم المرشحين والتحالفات الانتخابية».
وطبقاً للمصدر فإن المفوضية «علقت الإسراع بإجراءاتها، على تشريع قانون الانتخابات وتمويل تخصيصات الانتخابات وهي مسؤولية البرلمان»، لافتاً إلى أن «الطرق الممكنة لتغطية التخصيصات، هي اما سلفة حكومية في حال تأخير اقرار الموازنة، أو تشريع قانون من البرلمان بصرف تلك التخصيصات في حال تأخر نقاشات واقرار الموازنة العامة».
وبخصوص المحافظات المحررة، قال إنّ المعوقات يمكن تجاوزها من خلال تحشيد الجهود الحكومية والبرلمانية لاعادة اكبر نسبة ممكنة من النازحين لمناطق سكناهم، واعتماد مراكز ثابتة واخرى مؤقتة في مخيمات النازحين، وتفعيل آلية الفرق الجوالة كوسائل لاستكمال تغطية بطاقات الاقتراع وتكنلوجيا الاقتراع».
ولمنع الضغوطات «المتوقعة والتأثيرات السلبية» على إرادة الناخبين، اقترح طعمة «اعتماد مضاعفة وجود الجهات والمؤسسات الرقابية المحلية والدولية للانتخابات وتكثيف الرقابة والتواجد الأمني في تلك التجمعات السكانية لضمان ارادة حرة في تعبير الناخب واقتراعه».
وبين أن «المفوضية أوضحت خلال الاستضافة امتلاكها خطة لانشاء مراكز اقتراع للمخيمات تعتمد نفس آلية اجهزة تسريع النتائج لمنع التزوير».
30 مليون دولار لاجراء الانتخابات في الاقليم
وفي إقليم كردستان العراق، نفت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والاستفتاء في كردستان، تحديدها موعدا لاجراء الانتخابات في الإقليم، معلنا حاجتها إلى ما يقارب 30 مليون دولار لتغطية الاحتياجات اللازمة لاجراء الانتخابات.
وقال المتحدث باسم المفوضية شيروان زرار، في مؤتمر صحافي عقده عقب اجتماع مع أعضاء مجلس المفوضية في أربيل، انه «سنعقد الأسبوع المقبل اجتماعا ثلاثيا مع حكومة وبرلمان كردستان لمناقشة موعد اجراء الانتخابات، وموعد تسجيل الكيانات والكتل المشاركة». وأضاف: «بشأن الميزانية لاجراء الانتخابات حددنا في اجتماع اليوم 30 مليون دولار، وسنطالب الحكومة بالمصادقة على المبلغ في أسرع وقت ممكن»، لافتاً إلى أن «مجلس المفوضين لم يحدد موعد اجراء الانتخابات، بكون أن هذا الأمر من صلاحيات حكومة إقليم كردستان حصرا».